للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا لا معنى له؛ لأنه لو كان كذلك لم ينكر القوم بعضهم على بعض في أول الأمر؛ لأنه من كانت لغته شيئا قد جبل وطبع عليه وفطر به لم ينكر عليه، وأيضا فإن عمر بن الخطاب وهشام بن حكيم كلاهما قرشي مكي، وقد اختلفت قراءتهما، ومحال أن ينكر عليه عمر لغته، كما محال أن يقرئ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحدًا منهما بغير ما يعرفه من لغته، والأحاديث الصحاح المرفوعة كلها تدل على نحو ما يدل عليه حديث عمر هذا. وقالوا: إنما معنى السبعة الأحرف سبعة أوجه من المعاني المتفقة المتقاربة بألفاظ مختلفة، نحو: أقبل وتعالى وهلم، وعلى هذا أكثر أهل العلم (١) .

ثم ذكر الأحاديث في ذلك، منها: حديث أبي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

"أقرئت القرآن فقلت: على حرف أو حرفين، فقال لي الملك [٣٩ و] الذي عندي: على حرفين، فقلت: على حرفين أو ثلاثة، فقال الملك: على ثلاثة، فقلت: على ثلاثة، هكذا حتى بلغ سبعة أحرف وليس منها إلا شافٍ كافٍِ، غفورا رحيما، عليما حكيما، عزيزًا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك -زاد بعضهم- ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب" (٢) .

ومنها: حديث أبي هريرة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:

"هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا، ولا حرج، ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر برحمة" (٣) .


(١) التمهيد ٤/ ٦٣ظ.
(٢) التمهيد ٤/ ٦٤و.
(٣) التمهيد ٤/ ٦٥و.