في مصاحفه، وأنفذ كل إمام منها إلى ناحية، لتكون [٥٥ و] جميع القراءات محروسة محفوظة".
وقال في موضع آخر:
"إنما اختار عثمان حرف زيد؛ لأنه هو كان حرف جماعة المهاجرين والأنصار، وهو القراءة الراتبة المشهورة عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعليها كان أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي وعبد الله ومعاذ ومجمع بن جارية وجميع السلف رضي الله عنهم، وعدل عما عداها من القراءات والأحرف؛ لأنها لم تكن عند عثمان والجماعة ثابتة عن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولا مشهورة مستفيضة استفاضة حرف زيد".
"وإنما نسب هذه الحرف إلى زيد؛ لأنه تولى رسمه في المصاحف وانتصب لإقراء الناس به دون غيره".
وقال صاحب (١) "شرح السنة":
"جمع الله تعالى الأمة بحسن اختيار الصحابة على مصحف واحد، وهو آخر العرضات على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر بكتبته، جمعا بعد ما كان مفرقا في الرقاع ليكون أصلا للمسلمين، يرجعون إليه ويعتمدون عليه، وأمر عثمان بنسخه في المصاحف، وجمع القوم عليه، وأمر بتحريق ما سواه قطعا لمادة الخلاف، فكان ما يخالف الخط المتفق عليه في حكم المنسوخ والمرفوع، كسائر ما نسخ ورفع منه باتفاق الصحابة، والمكتوب بين اللوحين هو المحفوظ من الله عز وجل للعباد [٥٥ ظ] وهو الإمام للأمة، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما
(١) هو محيي السنة البغوي، سبقت ترجمته في الحاشية رقم ٦ ص٦٦.