للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن الذي أنزله الله على رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير أن زادوا فيه أو نقصوا منه شيئا، والذي حملهم على جمعه ما جاء بيانه في الحديث وهو أنه كان مفرقا في العسب واللخاف وصدور [٢٣ ظ] الرجال فخافوا ذهاب بعضه بذهاب حفظته، ففزعوا فيه إلى خليفة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودعوه إلى جمعه، فرأى في ذلك رأيهم وأمر بجمعه في موضع واحد باتفاق من جميعهم، فكتبوه كما سمعوا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من غير أن قدموا شيئا، أو أخروا، أو وضعوا له ترتيبا لم يأخذوه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يلقن أصحابه ويعلمهم ما ينزل عليه من القرآن على الترتيب الذي هو الآن في مصاحفنا بتوقيف جبريل عليه السلام إياه على ذلك، وإعلامه عند نزول كل آية أن هذه الآية تكتب عقيب آية كذ في السورة التي يذكر فيها كذا، وروي معنى هذا عن عثمان رضي الله عنه. وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: لم يكن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم ختم السورة حتى ينزل "بسم الله الرحمن الرحيم"، فإذا أنزل "بسم الله الرحمن الرحيم" علم أن السورة قد ختمت (١) ، فثبت أن سعي الصحابة كان في جمعه في موضع واحد، لا في ترتيبه، فإن القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ على الترتيب الذي هو في مصاحفنا، أنزله الله تعالى جملة واحدة في شهر رمضان ليلة القدر إلى السماء الدنيا، ثم كان ينزله مفرقا على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مدة حياته عند الحاجة وحدوث ما يحدث على ما يشاء الله


(١) انظر: سنن أبي داود ١/ ٢٩١، وشعب الأيمان ١/ ٣٨٢ و.