للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عز وجل: وترتيب [٢٤ و] النزول غير ترتيب التلاوة، وكان هذا الاتفاق من الصحابة سببا لبقاء القرآن في الأمة رحمة من الله عز وجل لعباده، وتحقيقا لوعده في حفظه على ما قال جل ذكره: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (١) .

ثم إن أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يقرءون بالقراءة التي أقرأهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولقنهم بإذن الله عز وجل، إلى أن وقع الاختلاف بين القراء في زمن عثمان وعظم الأمر فيه، وكتب الناس بذلك من الأمصار إلى عثمان، وناشدوه الله تعالى في جمع الكلمة وتدارك الناس قبل تفاقم الأمر، وقدم حذيفة بن اليمان من غزوة إرمينية (٢) ، فشافهه بذلك، فجمع عثمان عند ذلك المهاجرين والأنصار، وشاورهم في جمع القرآن على حرف واحد ليزول بذلك الخلاف وتتفق الكلمة، فاستصوبوا رأيه، وحضوه عليه، ورأوا أنه من أحوط الأمور للقرآن، فاستحضر الصحف من عند حفصة، ونسخها في المصاحف، وبعث بها إلى الأمصار.

وروي عن أبي عبد الرحمن السلمي (٣) قال: كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة، كانوا يقرءون قراءة العامة، وهي القراءة التي قرأها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه، وكان علي رضي الله عنه طول أيامه يقرأ


(١) الحجر: ٩.
(٢) انظر الحاشية رقم١ ص٥٠.
(٣) هو عبد الله بن حبيب بن ربيعة، أبو عبد السلمي الكوفي، تابعي، كثير الحديث مقرئ، كان ضرير البصر، أخذ القراءة عرضا عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبي بن كعب، توفي سنة ٧٢هـ على خلاف "صفة الصفوة ٣/ ٣٠ "تهذيب التهذيب ٥/ ١٨٣" غاية النهاية ١/ ٤١٣".