اليقين ما إذا كانت أسرته عربية أم أعجمية، وإن كان ليس بعيدًا أن تكون عربية مسيحية، وصار ولاء يسار إلى قيس بن مخرمة ابن المطلب، وقد أسلم فأعتقه مولاه، ومن ثم نسب إليهم فلقب بالمطلبي.
وكان ليسار بن خيار ثلاثة أولاد؛ أحدهم إسحاق، والد عالمنا الذي نتحدث عنه والذي طبقت شهرته الآفاق، وهو محمد بن إسحاق الذي ولد في المدينة المنورة، حوالي عام ٨٥هـ ونشأ بها، وقد سبق أن أشرنا كثيرًا إلى بيئة المدينة وفضلها وصلاحها وحركتها العلمية الواسعة في مسجد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا ينكر أحد فضل البيئة والوسط المحيط وتأثيرهما في تنشئته الناشئة، وأي بيئة أفضل من بيئة مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وتابعيهم، ولم تكن البيئة والجو العام الذي أحاط بابن إسحاق هو الذي أثر فيه فقط، بل كانت بيئته الخاصة ذات تأثير فيه كذلك، فأبوه إسحاق بن يسار كان من العلماء وكان محدثًا وفقيهًا، روى عنه ابنه محمد، وكثيرًا ما نجده يقول: حدثني أبي إسحاق بن يسار.
وقد أدرك ابن إسحاق بعض الصحابة ممن طالت أعمارهم، فقد رأى أنس بن مالك صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخادمه المشهور -رضي الله عنه- وتتلمذ على كبار التابعين، من أعيان علماء المدينة المنورة وفقهائها المعدودين المشهورين، ومنهم القاسم بن محمد