ابن أبي طالب ٣٥- ٤٠هـ -رضي الله عنهم جميعًا- وكثير من هؤلاء الصحابة لم يعودوا إلى المدينة، وإنما استوطنوا البلاد المفتوحة، وعاشوا حياتهم كلها فيها، وأصبحوا معلمين, ولهم مدارس، وتلاميذ، فأراد ابن إسحاق أن يتزود من علم هؤلاء ومن علم تلاميذهم، وأن يطلع على اتجاه مدارسهم وأفكارها فكانت رحلته الأولى إلى مصر، التي أصحبت منذ أن تم فتحها على يد الفاتح الكبير البطل الجليل عمرو بن العاص
، سنة ٢١هـ مركزًا من مراكز العلوم الإسلامية، فقد أسس الفاتح عمرو بن العاص مدينة الفسطاط سنة ٢١هـ أي عند تمام الفتح، وأسس مسجده العتيق -أو تاج الجوامع- الذي يعتبر أول مسجد يؤسس في قارة إفريقيا والذي أصبح مركزًا للدراسات الإسلامية، ومدرسة من أشهر المدارس، أساتذتها هم صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سواء الذي جاءوا مع جيش الفتح مجاهدين، أو الذي لحقوا بهم وجاءوا بعد تمام الفتح وطاب لهم المقام في أرض الكنانة، وعلى ضفاف النيل واستقروا فيها، وقد ازدهرت المدرسة المصرية في الدراسات الإسلامية، وذاع صيتها، وأصبحت لها مكانة علمية رفيعة، فتاقت نفوس علماء الأقطار الأخرى إلى زيارتها وملاقاة علمائها والأخذ عنهم وإعطائهم أيضًا، فالعلم أخذ وعطاء، فما من عالم كبير في المشرق -في ذلك الوقت- سواء في مكة المكرمة، أو المدينة المنورة،