ابن إسحاق فلم نسمع منه أنه اتصل بأحد من خلفاء بني أمية، ولعل موقف ابن إسحاق هذا من الدولة الأموية كان منسجمًا مع موقف عامة أهل المدينة الذين كانوا لا يحملون ودًّا لبني أمية، ولم تنطوِ قلوبهم على حب لدولتهم وخلفائها ورجالها -باستثناء عمر بن عبد العزيز -الذي كان موضع حب وإعجاب وثقة جميع المسلمين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم لسلوكه القويم وصلاحه وتقواه وعدله وطهارة سيرته- أما بقية خلفاء بني أمية فلم يحظوا بحب أهل المدينة ولا رضاهم، أو قل إن موقف أهل المدينة من خلفاء بني أمية كان أقرب إلى العداء والبغضاء منه إلى الولاء والحب والود.
ولعل أهل المدينة لم ينسَوْا قط يوم الحرة أو موقعة الحرة التي جرت بينهم وبين جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية سنة ٦٣هـ على أثر ثورتهم ضده التي قادها عبد الله بن حنظلة، والتي انتهت بهزيمتهم وقتل الكثيرين منهم.
ونسب للجيش الأموي أعمال فظيعة, إذا صحت تكون كارثة؛ لأنها تخالف مبادئ الإسلام، وآداب الحرب فيه، حتى مع غير المسلمين، فكيف مع مسلمين يعيشون في جوار رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟! على أية حال لم ينسَ أهل المدينة ذلك اليوم ولم تصفُ نفوسهم لبني أمية، وظلت