للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الحق فالله سبحانه وتعالى قد نزه نبيه صلى الله عليه وسلم عن الكفر والشرك وعصمه من الوقوع فيهما وذلك داخل في باب إعداده لتحمل الرسالة، ومثل ذلك صيانة الله لنسبه الذى تناسل منه فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم يلتق أبواي على سفاح، لم يزل الله ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما"١.

وكل ذلك حتى لايبقى لمنتقص حجة يتعلق بها لتنفير الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن المعلوم أن كفار قريش كانوا حريصين أشد الحرص على تجريح النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بما ينقص من قدره ويحط من شأنه لتنفير الناس منه وصدهم عن دعوته فلقد رموه واتهموه بالسحر والجنون وغير ذلك من النقائص ولكن لم يكن الشرك والكفر من ضمن ما رموه به فسكوتهم عن ذلك دليل على أنهم لم يجدوا سبيلا إليه إذ لو كان لنقل، وما سكتوا عنه كما لم يسكتوا عند تحويل القبلة كما حكى الله ذلك عنهم في قوله تعالى: {مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} ٢.

وبهذا يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن على دين قومه من عبادة الأصنام وتعظيمها، فقد عصمه الله من ذلك فلم يجعل لكفار قريش طريقا عليه فلذلك لجؤوا إلى تلفيق التهم الباطلة المتناقضة كاتهامه بالسحر تارة وبالجنون تارة وبالكهانة تارة أخرى.


١ أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (ص ٢٤) من عدة طرق والحديث له شواهد متعددة أوردها السيوطي في الخصائص الكبرى (١/ ٦٣، ٦٦) .
٢ الآية (١٤٢) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>