للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- وقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} ١.

وهذه الآيات تضمنت توجيهات عظيمة يجب على المسلم تدبرها ففي الآية الأولى جعل الله الاتباع سبيلا إلى نيل حبه ووسيلة إلى تحقيق رضاه وحصول غفرانه، إذ باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم يحصل حب الله تعالى ورضاه ومثوبته، فالخير كل الخير في اتباعه والشر كل الشر في مخالفته والابتعاد عن سنته.

فالاتباع هو دليل المحبة وبرهانها، وبتحققه تكون المحبة التي هي إحدى ثمراته كما قال تعالى: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} كما أن من ثمراته غفران الذنوب كما جاء في هذه الآية نفسها: {ويغفر لكم ذنوبكم} .

وهذه المنزلة والمكانة لاتباع الرسول صلى الله عليه وسلم نابعة من كون هذا الاتباع إنما هو في الحقيقة اتباع لله، إذ الرسول إنما جاء بهذا الدين من عند الله عز وجل فهو شرع الله ودينه الذي أوحاه لرسوله صلى الله عليه وسلم ليبلغه للعباد، فالرسول إنما هو مبلغ عن الله ولم يأت بشيء من عند نفسه قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} الآية٢، وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} الآية٣.

وفى الآية الأخرى وهي قوله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} جاء الأمر بالاتباع عقب الأمر بالإيمان تأكيدا على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فإن الاتباع داخل في الإيمان


١ الآية (٢١) من سورة الأحزاب.
٢ الآية (١١٠) من سورة الكهف، والآية (٦) من سورة فصلت.
٣ الآية (٨٥) من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>