للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن أفرد بالذكر هنا تنبيها على أهميته وعظم منزلته.

وأما قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ، فهذه الآية أوجبت الاتباع المطلق للنبي صلى الله عليه وسلم، فما أمر به من شيء فإن علينا فعله وما نهى عن شيء فإن علينا تركه واجتنابه، فهو لا يأمر إلا بخير ولا ينهى إلا عن شر.

وفى هذا الاتباع والانقياد حياتنا وفلاحنا كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} ١.

فهنا أمر من الله تعالى للمؤمنين جميعا بأن يستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما أمرهم به ونهاهم عنه، ففي ذلك الحياة النافعة الطيبة وهذه الحياة إنما تحصل بالاستجابة لما جاء به الرسول أمرا ونهيا وأما من لم تحصل منه الاستجابة فلا حياة له، وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، "إذ الحياة الحقيقية الطيبة هي حياة من استجاب لله ولرسوله ظاهرا وباطنا، فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا، وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان، ولهذا كان أكمل الناس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة، فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة، وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول"٢.

ولقد أعقب هذا الأمر بالاستجابة تحذير من ترك الاستجابة له أو تثاقل وتباطء عنها فقال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} والمعنى


١ الآية (٢٤) من سورة الأنفال.
٢ الفوائد لابن القيم (ص ٨٨) بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>