للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَاءَ ذَلِكُمْ} ١ فالحل موقوف على شروط النكاح وانتفاء موانعه وحضور وقته وأهلية المحل"٢.

ومن هذا المفهوم والتصور الواضح لأهمية السنة ومكانتها ودورها في التشريع انطلقت أفعال السلف مترجمة لهذا التصور فكان من تلك الأفعال أن اعتنى السلف بالسنة فتضافرت جهود العلماء من لدن الصحابة والتابعين على حفظ السنة والعناية بها وصيانتها فحظيت منذ ذلك الحين بسياج من الحماية منقطع النظير، وقد اتبع الصحابة في ذلك كل سبيل يحفظ للسنة نورها وصفاءها، وكان من ذلك التحري والتثبت في روايتها خشية الوقوع في الخطأ وخوفا من أن يتسرب إليها التصحيف والتحريف، بل إن بعضهم فضل الإقلال من الرواية. قال ابن قتيبة٣: "كان عمر شديد الإنكار على من أكثر الرواية أو أتى بخبر الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلوا من الرواية يريد بذلك أن لا يتسمع الناس فيها ويدخلها الشوب ويقع التدليس والكذب من المنافق والفاجر والأعرابي. وكان كثير من جلة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي بكر والزبير٤ وأبي عبيدة٥ والعباس بن عبد المطلب يقلون الرواية عنه بل كان


١ الآية (٢٤) من سورة النساء.
٢ أعلام الموقعين (٢/ ٣١٤، ٣١٥) .
٣ عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، صاحب التصانيف، صدوق قليل الرواية، توفي سنة ٢٧٦ هـ. لسان الميزان (٣/ ٣٥٧- ٣٥٩) .
٤ الزبير بن العوام: من أول من أسلم بمكة، كان يسميه رسول الله صلى الله عليه وسلم "حواريه" لمحبته له، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، قتل سنة ٣٦ هـ. الإصابة (١/ ٥٢٦- ٥٢٨) .
٥ أبو عبيدة عامر بن عبد الله الجراح، أمين هذه الأمة، وأحد العشرة السابقين إلى الإسلام، هاجر الهجرتين وشهد بدرا وما بعدها، توفي سنة ١٨ هـ. الإصابة (٢/ ٢٤٣- ٢٤٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>