شيء من تلك المحبة، غير أن الناس يتفاوتون فمنهم من أخذ من تلك المرتبة بالحظ الأوفى وهم الذين جعلوا محبة الله ورسوله مقدمة على ما سواهما. ومنهم من أخذ منها بالحظ الأدنى كمن كان مستغرقا في الشهوات محجوبا في الغفلات في أكثر الأوقات.
ومنهم من هو بين هذين الأمرين.
فالحظ الأوفى هو بتحقيق هذه المرتبة من المحبة وهي أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما". وذلك بأن يتوجه بكليته نحو هذه الغاية فيحب ما أحب الله ورسوله ويكره ما كرهه الله ورسوله، فيمتثل للأوامر ويجتنب النواهي ولا يتلقى شيئا من المأمورات والمنهيات إلا من مشكاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يسلك إلا طريقته، ويرضى بما شرعه حتى لا يجد في نفسه حرجا مما قضاه، ويتخلق بأخلاقه، فمن جاهد نفسه على ذلك وجد حلاوة الإيمان.
وأما قوله: "وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله" ففيه دلالة واضحة على أن حب الأشخاص الواجب فيه أن يكون تبعا لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، فيجب على المؤمن محبة الله ومحبة من يحبه الله من الملائكة والرسل والأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين عموما.
وفي الحديث "من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" ١.
ومتى كان حب المرء وبغضه وعطاؤه ومنعه لهوى نفسه كان ذلك نقصا في إيمانه الواجب فيجب عليه التوبة من ذلك والرجوع إلى اتباع ما جاء به الرسول
١ أخرجه أبو داود في سننه، كتاب السنة: باب الدليل على زيادة الإيمان ونقصانه (٥/ ٦٠) وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (٥/ ٢٢٩) .