للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن تميم الداري١ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدين النصيحة". قلنا: لمن؟ قال: "لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" ٢. فقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الدين النصيحة" يدل على أن النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان التي ذكرت في حديث جبريل المشهور وسمى ذلك كله دينا. فالنصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادة وفعلا٣.

قال الإمام محمد بن نصر المروزي٤: "قال بعض أهل العلم: جماع تفسير النصيحة: هو عناية القلب للمنصوح له من كان.

وهي على وجهين: أحدهما: فرض. والآخر: نافلة.

فالنصيحة المفترضة لله: هي شدة العناية من الناصح، باتباع محبة الله في أداء ما افترض، ومجانبة ما حرم الله.

وأما النصيحة التي هي نافلة: فهي إيثار محبته على محبة نفسه، وذلك أن يعرض له أمران: أحدهما: لنفسه، والآخر: لربه. فيبدأ بما كان لربه، ويؤخر ما كان لنفسه. فهذه جملة تفسير النصيحة له الفرض منه والنافلة. فالفرض منها: مجانبة نهيه، وإقامة فرضه بجميع جوارحه، ما كان مطيعا له.


١ تميم بن أوس بن حارثة الداري، صحابي مشهور، كان نصرانيا ثم قدم المدينة فأسلم وذلك سنة تسع من الهجرة، غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم، مات بالشام. الإصابة (١/ ١٨٦) .
٢ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان: باب بيان أن الدين النصيحة (١/ ٥٣) .
٣ جامع العلوم والحكم (ص ٧٤- ٧٦) .
٤ محمد بن نصر المروزي، أبو عبد الله، إمام في الفقه والحديث كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة فمن بعدهم في الأحكام، ولد سنة ٢٠٢ هـ، وتوفي سنة ٢٩٤ هـ.
تذكرة الحفاظ (٢/ ٢٠١) ، وتهذيب التهذيب (٩/ ٤٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>