للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن عجز عن القيام بفرضه لآفة حلت به من مرض، أو حبس، أو غير ذلك عزم على أداء ما افترض عليه متى زالت عنه العلة المانعة له قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيل} ١ فسماهم محسنين بنصيحتهم لله بقلوبهم، لما منعوا من الجهاد بأنفسهم.

وقد ترفع الأعمال كلها عن العبد في بعض الحالات، ولا يرفع عنه النصح لله لو كان من المرض بحال لا يمكنه عمل شيء بشيء من جوارحه بلسان وغيره غير أن عقله ثابت، لم يسقط عنه النصح لله بقلبه، وكذلك النصح لله ولرسوله فيما أوجبه على الناس من أمر ربه.

ومن النصح الواجب لله أن لا يرضى معصية العاصي، ويحب طاعة من أطاع الله ورسوله.

وأما النصيحة التي هي نافلة لا فرض: فبذل المجهود بإيثار الله على كل محبوب بالقلب وسائر الجوارح حتى لا يكون في الناصح فضلا عن غيره، لأن الناصح إذا اجتهد لمن ينصحه لم يؤثر نفسه عليه، وقام بكل ما كان في القيام به سروره ومحبته. فكذلك الناصح لربه ومن تنفل لله بدون الاجتهاد فهو ناصح على قدر عمله غير محقق للنصح بالكمال

قال القاضي عياض: "نصيحة الله تعالى: صحة الاعتقاد له بالوحدانية، ووصفه بما هو أهله، وتنزيهه عما لا يجوز عليه، والرغبة في محابه والبعد عن


١ الآية (٩١) من سورة التوبة.
٢ تعظيم قدر الصلاة (٢/ ٦٩١- ٦٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>