للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}

قال ابن كثير في معناها: "أي لا تسارعوا في الأشياء بين يديه أي قبله بل كونوا تبعا له في جميع الأمور، حتى يدخل في عموم هذا الأدب الشرعي حديث معاذ رضي الله عنه حيث قال له النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن "بم تحكم؟ " قال: بكتاب الله تعالى. قال صلى الله عليه وسلم "فإن لم تجد؟ "قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال صلى الله عليه وسلم: "فإن لم تجد؟ "قال رضي الله عنه: أجتهد رأي، فضرب في صدره وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم" ١.

فالغرض منه أنه أخر رأيه ونظره واجتهاده إلى ما بعد الكتاب والسنة ولو قدمه قبل البحث عنهما لكان من باب التقدم بين يدي الله ورسوله"٢.

وقال الحليمي عند تعليقه على هذه الآية: "والمعنى لا تقدموا قولا أو فعلا بين يدي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله فيما سبيله أن تأخذوه عنه من أمر دين أو دنيا، بل أخروا أقوالكم وأفعالكم إلى أن يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك بما يراه فإنكم إذا قدمتم بين يديه كنتم مقدمين بين يدي الله عز وجل إذ كان رسوله لا يقضي إلا عنه، {وَاتَّقُوا اللَّهَ} ! أي احذروا عقابه بتقديمكم يين يدي رسول الله ومعاملته بما يوهم الاستخفاف به ومخالفة شيء مما يأمركم به عن


١ أخرجه الإمام أحمد فى مسنده (٥/ ٢٣٠، ٢٣٦، ٢٤٢) .وأبو داود في سننه، كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء (٤/ ١٨) ح ٣٥٩٢. والترمذي في سننه، كتاب الأحكام، باب القاضي كيف يقضي (٣/٦١٦) ح ١٣٢٧. وابن ماجة في سننه، المقدمة، باب اجتناب الرأي والقياس بنحوه (١/ ٢١) .
٢ تفسير ابن كثير (٤/ ٢٠٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>