للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برجل آخر، قال نافع١ لا أحفظ اسمه فقال أبو بكر لعمر رضي الله عنهما ما أردت إلا خلافي، قال: مما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} الآية.

قال ابن الزبير٢ رضي الله عنه: "فما كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر"٣

فقد نهي الله عز وجل عن رفع الأصوات بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قد ارتفعت أصواتهما فجاء فقال: أتدريان أين أنتما؟ ثم قال: من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، فقال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضربا٤.

وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره صلى الله عليه وسلم كما كان يكره في حياته عليه الصلاة والسلام لأنه محترم حيا وفي قبره صلى الله عليه وسلم دائما.

ثم نهي عن الجهر له بالقول كما يجهر الرجل لمخاطبة ممن عداه، بل يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم، ولهذا قال تبارك وتعالى: {وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} كما قال {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ


١ نافع بن عمر بن عبد الله الجمحي الحافظ المكي، كان من أثبت الناس، روى عن ابن أبي مليكة وغيره، مات سنة تسع وستين ومائة. تهذيب التهذيب (١٠/ ٤٠١)
٢ هو: عبد الله بن الزبير رضي الله عنه وقد تقدم ترجمته
٣ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير، تفسير سورة الحجرات.
انظر: فتح الباري (٨/ ٥٩٠) خ ٤٨٤٥
٤ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصلاة، باب رفع الصوت في المسجد.
انظر: فتح الباري (١/ ٥٦٠) خ ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>