للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضِكُمْ بَعْضاً}

وقوله عز وجل {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} أي إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده خشية أن يغضب من ذلك فيغضب الله تعالى لغضبه فيحبط عمل من أغضبه وهو لا يدري كما جاء في الصحيح "إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى لا يلقي لها بالا يكتب له بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض"١.

ثم ندب الله تعالى إلى خفض الصوت عنده وحث على ذلك وأرشد إليه ورغب فيه فقال {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} أي أخلصها لها وجعلها أهلا ومحلا {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} ٢.

وجاء في الكشاف عند تفسير هذه الآيات قوله: "أعاد النداء عليهم- أي في قوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} استدعاء منهم لتجديد الاستبصار عند كل خطاب وارد، وتطرية الإنصات لكل حكم نازل، وتحريك هممهم لئلا يفتروا ويغفلوا عن تأملهم وما أخذوا به عند حضور مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأدب الذي المحافظة عليه تعود عليهم بعظيم الجدوى في دينهم.

وذلك لأن في إعظام صاحب الشرع إعظام ما ورد به، ومستعظم الحق


١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب حفظ اللسان. فتح الباري (١ ١/ ٣٠٨) ح ٦٤٧٨
٢ تفسير ابن كثير (٤/ ٢٠٥- ٢٠٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>