للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخذ ذلك أبو داود١ فلم يذكر في زيادة قبره المكرم غير هذا الحديث وترجم عليه: "باب زيارة القبر"٢.

فهذا الحديث هو عمدة الإمام أحمد وأبي داود وأمثالهم وهو غاية ما عندهم في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن دلالة الحديث على المقصود فيها نزاع وتفصيل٣.فليس في لفظ الحديث المعروف في السنن والمسند (عند قبري) مع أن الذين احتجوا بهذا الديث قالوا إن هذا هو المراد، ولم يرد على كل مسلم عليه في شرق الأرض وغربها مع أن المعنى أي أنه يرد على كل مسلم في شرق الأرض وغربها إن كان هو المراد بطل الاستدلال بالحديث من كل وجه على اختصاص تلك البقعة بالسلام.

وإن كان المراد بالسلام في الديث هو السلام عليه عند قبره كما فهمه عامة العلماء، فهل يدخل فيه من سلم من خارج الحجرة؟


١ سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي، السجستاي أبو داود، مصنف السنن وغيرها، ثقة حافظ من بار العلماء وأئمة الحديث، مات سنة خمس وسبعين ومائتين. تهذيب التهذيب (٤/١٦٩-١٧٣) .
٢ مجموع الفتاوى (٢٧/٣٣٠) .
٣ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو أريد إثبات سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الحديث لكان هذا مختلفا فيه، فالنزاع في إساده ودلالة متنه". الرد على الأخنائي (ص٢٠٣) .
وقال ابن عبد الهادي: "وهذا الحديث لا يسلم من مقال في إسناده ونزاع في دلالته "وقد تقدم الكلام على إسناده (وأما نزاع في دلالة الحديث فمن جهة اتمال لفظه فإن قوله: "ما من أحد يسلم علي" يحتمل أن يكون المراد به عند قبره ما فهمه جماعة من الأئمة ويحتمل أن يكون معناه على العموم وأنه لا فرق في ذلك بين القريب والبعيد وهذا هو ظاهر الحديث وهو الموافق للأحاديث المشهورة. الرد على البسكي (ص٢٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>