فمن الناس من يقول هذا إنما يتناول من سلم عليه عند قبره كما كانوا يدخلون الحجرة في زمن عائشة رضي الله عنها فيسلمون على النبي صلى الله عليه وسلم فكان يرد عليهم فأولئك سلموا عليه عند قبره وكان يرد عليهم١.
وهذا السلام عليه عند قبره كان مشروعا لما كان ممكنا بدخول من يدخل على عائشة رضي الله عنها.
وقالوا: فأما من كان في المسجد فهؤلاء لم يسلموا عليه عند قبره بل سلامهم عليه كالسلام عليه إذا دخل المسلم المسجد وخرج منه.
والذين استدلوا بهذا الحديث على اختصاص تلك البقعة بالسلام جعلوه متناولا لمن سلم عليه من داخل الحجرة أو من خارجها.
وقد اعترض على من احتج بهذا الحديث "ما من أحد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام" على استحباب السلام للقادم عند الحجرة. فقيل: إن هذا الحديث لو دل على استحباب السلام عليه من المسجد لما اتفق الصحابة على ترك ذلك، ولم يفرق في ذلك بين القادم من السفر وغيره؟
فقد اتفق الصحابة ابن عمر وغيره على أنه لا يستحب لأهل المدينة الوقوف عند القبر للسلام إذا دخلوا وخرجوا بل يكره ذلك، فلما اتفقوا على ترك ذلك مع تيسره علم أنه غير مستحب بل لو كان جائزا لفعله بعضهم وبهذا يتبين ضعف حجة من احتج بالحديث على استحباب السلام عليه من المسجد.
١ هذا على قول من خص الحديث على السلام القريب وقالوا إنما هو فيمن سلم عليه من قريب والقريب أن يكون في بيته، فإن لم يحد بذلك لم يبق له حد محدود من جهة الشرع. الرد على الأخنائي (ص ١٧٠)