للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحبة والمولاة والطاعة وغير ذلك من الصلاة والسلام والدعاء وغير ذلك. ولا يقصدون تخصيص القبر لما يفضي إليه ذلك من ترك حق الله وحق رسوله.

فهذا وغيره مما يبين أن ما نهي عنه الناس ومنعوا منه، وكان السلف لا يفعلونه من زيارة قبره، وإن كانا زيارة قبر غيره مستحبة، فهو أعظم لقدره وأرفع لدرجته وأعلى في منزلته، وأن ذلك أقوم بحق الله وأتم وأكمل في عبادته وحده لا شريك له وإخلاص الدين له، ففي ذلك تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله.

وإن أهل البدع الذين فعلوا ما لم يشرعه الله بل ما نهي عنه وخالفوا الصحابة والتابعين لهم بإحسان فاستحبوا ما كان أولئك يكرهونه ويمنعون منه، هم مضاهؤون للنصارى، وإنهم نقصوا من تحقيق الإيمان بالله وبرسوله، والقيام بحق الله وحق رسوله بقدر ما دخلوا فيه من البدعة التي ضاهوا بها النصارى فهذا هذا، والله أعلم.

وأيضا فإنه إذا أطيع أمره وأتبعت سنته كان له من الأجر بقدر أجر من أطاعه واتبع سنته لقوله صلى الله عليه وسلم: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئا" ١.

وأما البدع- التي لم يشرعها بل نهي عنها، وإن كانا متضمنة للغلو فيه والشرك به والإطراء له كما فعلت النصارى، فإنه لا يحصل بها أجر لمن عمل بها فلا يكون للرسول فيها منفعة، بل صاحبها إن عذر كان ضالا لا أجر له


١ تقدم تخريجه ص ٣٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>