للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ربى، وقولوا عبد الله ورسوله.

فأبى عباد القبور إلا مخالفة لأمره، وارتكابا لنهيه، وناقضوه أعظم المناقضة وظنوا أنهم إذا وصفوه بأنه عبد الله ورسوله، وأنه لا يدعى ولا يستغاث به، ولا ينذر له، ولا يطاف بحجرته، وأنه ليس له من الأمر شيء، ولا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله، أن في ذلك هضما لجنابه وغضا من قدره، فرفعوه فوق منزلته، وادعوا فيه ما ادعت النصارى في عيسى أو قريبا منه، فسألوه مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب وغير ذلك من الأمور١.

وقد ذكر شيخ الإسلام في كتاب تلخيص الاستغاثة٢ عن بعض أهل زمانه أنه جوز الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما يستغاث فيه بالله، وصنف فيه مصنفا. وكان يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله. وحكي عن آخر من جنسه يباشر التدريس وينسب إلى الفتيا أنه كان يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ما يعلمه الله ويقدر على ما يقدر الله عليه.

ومن هؤلاء من يقول في قول الله تعالى {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يسبح بكرة وأصيلا.

ومنهم من يقول: نحن نعبد الله ورسوله فيجعلون الرسول معبودًا ويقول قائلهم:

فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم

فجعل الدنيا والآخرة من جوده، وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ٣.


١ تيسير العزيز الحميد (٢٧٢- ٢٧٣) .
٢ الرد على البكري (ص ٢١٨) .
٣ تيسير العزيز الحميد (٢٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>