فانظر إلى ما أدى إليه هذا الإطراء من صرف أمور قد اختص بها الرب عز وجل فصرفت للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولكن ما على الرسول إلا البلاغ فقد سد النبي صلى الله عليه وسلم كل ذريعة مؤدية إلى الغلو والشرك حتى يبقى هذا الدين وسطا صافيًا لا كدر فيه، وتبقى عقيدة التوحيد نقية قوية خالدة.
فلقد نهي الرسول الكريم عن المبالغة في مدحه لعلمه بأن هذه المبالغة بريد إلى الغلو ومدعاة للشرك والانحراف عن الطريق السوي.
وهذا من الحرص الكامل للرسول صلى الله عليه وسلم على حماية التوحيد، فبهذا النهي الشديد سد الرسول صلى الله عليه وسلم طريق الغلو.
والنهي عن المبالغة في الإطراء لا يعني التقليل من قدره وتوقيره فإن للتوقير والتعظيم وسائله المشروعة والتي سبق ذكرها.
ولكن هناك أناس شق عليهم التوقير المشروع فلجأوا إلى التوقير الممنوع فنسجوا قصائد مطولة أغرقوا فيها بالمديح المجاوز للحد والمنافي لقواعد التوحيد والذي لا يرضى به الله ورسوله بل جاء التحذير منه بنص القرآن والسنة المطهرة.
"ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الخلق على تجريد التوحيد حتى قطع أسباب الشرك ووسائله من جميع الجهات، حتى قال له رجل: ما شاء الله وشئت، قال: "اجعلتني لله ندا؟ بل ما شاء الله وحده "١.
ونهى أن يحلف بغير الله، وأخبر أن ذلك شرك.
ونهي أن يصلى إلى القبر أو يتخذ مسجدا أو عيدا أو يوقد عليه سراج،
١ أخرجه الإمام أحمد (١/ ٢١٤، ٢٢٤، ٢٨٣، ٣٤٧) ، وأخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة ص ٥٤٥ ح ٩٨٧.