للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه نأى لي ذات يوم الشجر، فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب فقمت عند رؤسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا منها فرجة نرى منها السماء.

ففرج الله منها فرجة فرأوا السماء.

وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار فتعبت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها قالت يا عبد الله اتق الله ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة ففرج لهم.

وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرًا بفرق أرز فلما قضى عمله، قال أعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمدت منه بقرا ورعاءها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني حقي فقلت اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها، فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك خذ ذلك البقر ورعائها فأخذه فذهب به، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا ما بقي ففرج الله ما بقى" ١ فهؤلاء الثلاثة سألوا الله وتوسلوا إليه بأعمال البر.


١ أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب إجابة دعاء من بر والدية.
انظر فتح الباري (١٥/ ٤٠٤) . وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرقاق، باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال (٨/ ٨٩) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>