متعاونين على البر والتقوى. فهو نبه المسئول وأشار عليه بما ينفعهما، بمنزلة من يأمر غيره ببر وتقوى، فيثاب المأمور على فعله، والآمر أيضا يثاب مثل ثوابه لكونه دعا إليه. وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:"دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل" ١.
وعند النظر في نصوص الشرع الواردة في شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم نجد أن هناك شفاعة أخروية له في يوم القيامة، وشفاعة دنيوية في حياته.
أما الشفاعة الأخروية: فقد أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك، وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة.
ثم إن أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، واستفاضت به السنن من أنه صلى الله عليه وسلم يشفع لأهل الكبائر من أمته ويشفع لعموم الخلق.
فله صلى الله عليه وسلم شفاعات يختص بها لا يشركه فيها أحد، وشفاعات فيها وغيره من الأنبياء والصالحين سواء، ولكن ما له فيها أفضل مما لغيره، فإنه صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق وأكرمهم على ربه عز وجل، وله من الفضائل التي ميزه الله بها على سائر النبيين ومن ذلك المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون، وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة منها في الصحيح أحاديث متعددة، وفي السنن والمسانيد مما يكثر عدده.
أما الشفاعة الدنيوية (التي كانت في حياته) ، فقد أجمع أهل العلم على أن
١ أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب (٨/ ٨٦) .