للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحابة كانوا يستشفعون به ويتوسلون به في حياته بحضرته. كما ثبت في أحاديث الاستسقاء، وهذا الاستشفاع هو طلب للدعاء منه، فإنه كان يدعو للمستشفع والناس يدعون معه، كما جاء في الحديث الثابت في الاستسقاء أن المسلمين لما أجدبوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه أعرابي فقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا.

فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال: "اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا" ١.

فهذا يبين أن معنى الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم هو استشفاع بدعائه وشفاعته. وهذا ما فهمه الصحابة وعملوا به بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فعمر بن الخطاب استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال "اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا" ٢. وكذلك معاوية بن أبي سفيان -لما أجدب الناس بالشام- استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي٣ فقال: "اللهم إنا نستشفع ونتوسل بخيارنا، يا يزيد ارفع يديك "فرفع يديه ودعا، ودعا الناس حتى سقوا"٤.

فهم لم يستسقوا ولم يتوسلوا ولم يستشفعوا في هذه الحال بالنبي صلى الله عليه وسلم لا


١ تقدم تخريجه ص ٧٣٧
٢ تقدم تخريجه ص ٧٣٧
٣ يزيد بن الاسود الجرشي أبو الأسود، من سادة التابعين أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من العباد الخشن وقصته مع معاوية تدل على فضله وصلاحه، توفي سنة ٧١ هـ.
الإصابة (٣/٦٣٤) وسبر أعلام النبلاء (٤/ ١٣٦- ١٣٧) .
٤ أورده ابن حجر في الإصابة (٣/ ٦٣٤) وقال: "أخرجه أبو زرعة الدمشقي ويعقوب بن سفيان في تاريخيهما بسند صحيح" وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (٤/١٣٧) وابن كثير في البداية (٨/ ٣٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>