للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} ١.

والشاهد من هذه الآيات أنها بينت شمول رسالة محمد صلى الله عليه وسلم للناس٢ جميعا. قال صاحب اللسان: "الناس قد يكون من الإنس ومن الجن"٣.

فلفظ الناس يطلق على الجن والإنس كما في قوله تعالى: {الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} ٤ فسمى الله الجن في هذا الموضع ناسا كما سماهم في موضع آخر رجالا، فقال: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} ٥ فجعل الجن رجالا وكذلك جعل منهم ناسا٦. وهناك رأي آخر يقول إن لفظ الناس دخل فيه الجن تغليبا٧.

والذي أراه أن الآيات تفسر بالمعنى الشامل للإنس والجن إذ لا مخصص للعموم هنا.

وكنموذج لتفسير ما أوردته من آيات في هذا الشأن أذكر ما قاله بعض علماء التفسير في بيان قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} ،


١ الآية (١) من سورة إبراهيم.
٢ لفظ "الناس" فيه وجهان: أحدهما: أن يكون جمعا لا واحد له من لفظه وإنما واحده "إنسان" وواحدته "إنسانة"، والوجه الآخر: أن يكون أصله "أناس" أسقطت الهمزة منها لكثرة الكلام بها تخفيفا، ثم أدخلت الألف واللام المعرفتان، فأدغمت اللام التي دخلت مع الألف فيها للتعريف في النون. انظر: تفسير الطبري (١/ ١١٦) .
٣ لسان العرب (٦/ ٢٤٤) مادة نوس.
٤ الآيتان (٥- ٦) من سورة الناس.
٥ الآية (٦) من سورة الجن.
٦ تفسيرالطرى (٣٠/٣٥٦) .
٧ تفسير ابن كثير (٤/ ٥٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>