للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتمام الخشية، وذلك هو الغاية فى ذلك، وهو -سبحانه وتعالى- يسمع أصوات العباد كلهم برهم وفاجرهم.

كما قالت عائشة -رضى الله عنها: سبحان الذى وسع سمعه الأصوات, ولكن استماعه لقراءة عباده المؤمنين أعظم، كما قال تعالى: {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآَنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ} الآية، ثم استماعه لقراءة أنبيائه أبلغ، كما دلَّ عليه هذا الحديث العظيم.

ومنهم من فَسَّر الأذن ههنا بالأمر.

والأول أولى؛ لقوله: "ما أَذِنَ الله لشىء، ما أَذِنَ لنبيٍّ يتغَنَّى بالقرآن" أي: يجهر به، والاذن الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، وكما قال تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ، وَإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ، وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ، وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق: ١-٥] . أى: استمعت لربها وحقت، أى: وحق لها أن تستمع أمره وتطيعه، فالاذن ههنا، هو: الاستماع.

ولهذا جاء فى حديث رواه ابن١ ماجه بسند جيِّدٍ عن فَضَالَةَ بن عُبَيْدٍ


١ أخرجه ابن ماجه "١٣٤٠"، وأحمد "٦/ ٢٠"، والبخاري في "التاريخ الكبير" "٤/ ١/ ١٢٤"، وابن حبان "٦٥٩"، وابن نصر في "قيام الليل" "ص٥٨"، والطبراني في "الكبير" "ج١٨/ رقم ٧٧٢"، والبيهقي "١٠/ ٢٣٠"، والسمعاني في "أدب الإملاء" "ص٩٣-٩٤" من طرق عن الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعى، عن إسماعيل بن عبيد الله، عن ميسرة مولى فَضَالَةَ، عن فَضَالَةَ بن عُبَيْدٍ مرفوعًا، فذكره.
قال البوصيري في "الزوائد" "٤٣٦/ ١": "هذا إسناد حسن". =

<<  <   >  >>