للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وصدور الرجال, وفى رواية: من العسب والرقاع والاضلاع, وفى رواية: من الاكتاف والأقتاب وصدور الرجال.

أمَّا العسب: فجمع عسيب, قال أبو نصر اسماعيل بن حماد الجوهرى: وهو من السعف فويق الكرب، لم ينبت عليه الخوص، وما نبت عليه الخوص فهو السعف. واللخاف: جمع لخفة، وهي القطعة من الحجارة مستدقة، كانوا يكتبون عليها وعلى العسب، وغير ذلك مما يمكنهم الكتابة عليه بما يناسب ما يسمعونه من القرآن من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ومنهم من لم يكن يحسن الكتابة أو يثق بحفظه، فكان يحفظه، فتلَّقاه زيد هذا عن عسبه، وهذا من لخافه، ومن صدر هذا، أى: من حفظه, وكانوا أحرص شىء على أداء الأمانات، وهذا من أعظم الأمانة؛ لأن الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أودعهم ذلك ليبلغوه إلى من بعده، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] ففعل صلوات الله وسلامه عليه.

ولهذا سألهم في حجة الوداع يوم عرفة على رءوس الأشهاد، والصحابة أوفر ما كانوا مجتمعين، فقال: "إنكم مسئولون عنى فما أنتم قائلون"؟.

قالوا: نشهد أنك بلغت وأديت ونصحت؛ فجعل يشير بأصبعه إلى السماء عليهم ويقول: "اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد". رواه مسلم١ عن جابر.


١ في "صحيحه" "١٢١٨/ ١٤٧". وهو جزء من حديث جابر بن عبد الله الطويل في حجة الوداع.
وأخرجه أيضًا أبو داود "١٩٠٥", والنسائي "٥/ ١٤٣، ٢٤٠"، وابن ماجه "٣٠٧٤"، والدارمي "٢/ ٤٤-٤٩" وآخرون مطوَّلًا ومختصرًا من طرق عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر, ولشيخنا أبي عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني -حفظه الله, جزء ماتع في جمع طرقه، فيه نفائس على صغر حجمه -فجزاه الله خيرًا عن الإسلام وأهله، وأطال الله في عمره في عافية وستر. آمين.

<<  <   >  >>