للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد أمر أمته أن يبلغ الشاهد الغائب، وقال: "بلغوا عنى ولو ١ آية" , يعنى: ولو لم يكن مع أحدكم سوى آية واحدة، فليؤدها إلى من وراءه، فبلغوا عنه ما أمرهم به، فأدوا القرآن قرآنا، والسنة سنة، لم يلبسوا هذا بهذا.

ولهذا قال عليه السلام: "من كتب عنى سوى القرآن ٢ فليمحه" , أى: لئلَّا يختلط بالقرآن، وليس معناه أن لا يحفظوا السنة ويرووها، والله أعلم. فلهذا نعلم بالضرورة أنه لم يبق من القرآن مما أداه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليهم إلا وقد بلغوه إلينا، ولله الحمد والمنة.

فكان الذي فعله الشيخان أبو بكر وعمر -رضى الله عنهما- من أكبر المصالح الدينية وأعظمها، من حفظهما كتاب الله فى الصحف؛ لئلَّا يذهب منه شىء بموت من تلقاه عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم كانت تلك الصحف عند الصديق أيام حياته، ثم أخذها عمر بعده، فكانت عنده


١ أخرجه البخاري "٦/ ٤٩٦- فتح", وقد مَرَّ تخريجه.
٢ أخرجه مسلم "٣٠٠٤/ ٧٢"، والنسائي في "الفضائل" "٣٣"، وأحمد "٣/ ١٢، ٢١، ٣٩، ٥٦"، والدارمي "١/ ٩٨"، وابن حبان "٦٤"، والحاكم "١/ ١٢٦-١٢٧"، وآخرون من حديث عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".
قال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين", وقد وهم في استدراكه على مسلم. والله أعلم.

<<  <   >  >>