وإذا تنازعوا في حق ارتفعوا فيه إلى حاكمهم لم يمنعوا منه. وإن تَرَافَعُوا فِيهِ إلَى حَاكِمِنَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ بِمَا يُوجِبُهُ دِينُ الْإِسْلَامِ. وَتُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ إذَا أتوها. ومن نقض منهم عهده لم يبلغ به مأمنه، وكان الإمام فيه بالخيار بين القتل والاسترقاق. هذا كلام أحمد في رواية أحمد بن سعيد " إذا منع الجزية ضربت عنقه". وقال في رواية أبي الحارث " إذا زنى بمسلمة قتل". وذلك لأنه عقد الذمة على أن يكف عنا ونكف عنه. فإذا نقض العهد عاد بمعناه الأول، فكأنه وجد لص حربي في دار الإسلام. وَلِأَهْلِ الْعَهْدِ - إذَا دَخَلُوا دَارَ الْإِسْلَامِ - الْأَمَانُ على نفوسهم وأموالهم، ولهم أن يقيموا أقل من سنة بِغَيْرِ جِزْيَةٍ، وَلَا يُقِيمُونَ سَنَةً إلَّا بِجِزْيَةٍ، وَيَلْزَمُ الْكَفُّ عَنْهُمْ كَأَهْلِ الذِّمَّةِ. وَلَا يَلْزَمُ الدَّفْعُ عَنْهُمْ، بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ. وَإِذَا أَمَّنَ بالغ من عقلاء الْمُسْلِمِينَ حَرْبِيًّا لَزِمَ أَمَانُهُ كَافَّةَ الْمُسْلِمِينَ. وَالْمَرْأَةُ فِي بَذْلِ الْأَمَانِ كَالرَّجُلِ، وَالْعَبْدُ فِيهِ كَالْحُرِّ، سواء كان مأذونا له في القتال أو لم يكن. ويصح أمان الصبي، نص عليه. قال أبو بكر الخلال " إذا كان له سبع سنين وعقل التخيير بين أبويه فأمانه جائز". ولا يصح أمان المجنون، ومن أمنه فهو حرب، إلا أن يجهل حكم أمانه فيبلغه مأمنه. ثم يكون حربا. وإذا تظاهر أهل الذمة أو العهد بقتال المسلمين كانوا حربا لوقتهم تقتل مقاتلتهم. وإذا امتنع أهل الذمة من بذل الجزية كان نقضا لعهدهم. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْدِثُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بَيْعَةً وَلَا كَنِيسَةً، فَإِنْ أَحْدَثُوهَا هُدِمَتْ عَلَيْهِمْ.
واختلفت الرواية عن أحمد في بناء ما استهدم من بيعهم وكنائسهم القديمة. فروي عنه، أنه ليس لهم ذلك. نقلها عبد الله. والثانية: لهم ذلك، والثالثة: إن خرب جميعها لم يكن لهم ذلك. وإن استهدم بعضها جاز.