ولا في مقابر المشركين، لما تقدمت له من حرمة الإسلام، ولكن يوارى مقبوراً، وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا فِي بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، مصروفا في أهل الفيء، ولا يرثه عنه وارث مسلم ولا كافر. وإذا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ مَالُهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَادَ إلَى الإسلام أعيد إليه، وإن هلك على الردة صار فيئا. فإن انحازوا في دار ينفردون بها عن المسلمين حتى صاروا فيها ممتنعين، نحو بلد القرمطي وجب قِتَالُهُمْ عَلَى الرِّدَّةِ بَعْدَ مُنَاظَرَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ واستتابتهم، ويقاتلون قتال أهل الحرب مقبلين ومدبرين. ومن أسر منهم قتل صَبْرًا إنْ لَمْ يَتُبْ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يسترق رجالهم، وتغنم أموالهمن وتسبى ذراريهم الذين حدثوا بعد الردة. وقد قال أحمد - رضي الله عنه - في رواية أبي طالب في خرّمية كان لهم سهم في قرية، فخرجوا يقاتلون المسلمين. هم المسلمون فأرضوهم فيء للمسلمين من قاتل عليه حتى أخذ، فيؤخذ خمسة يقسم على خمسة أسهم وأربعة أخماس الذين فاءوا مثل ما أخذ عمر السواد، فقد وقفه على المسلمين. وقال - في رواية الفضل - في رجل ارتد في أرض الترك وتزوج فيهم وولد له " يردّون إلى الإسلام إلا أنهم يكونون عبيداً للمسلمين". وقال في رواية أحمد بن سعيد في المحمرة الخرمية إذا خرجوا حتى ذراري المرتدين سبا الولدان. والوجه في سبي الولدان والذراري والأموال: أنها دار تجري فيها أحكام أهل الحرب فكانت دار حرب دليله أهل الحرب بالكفر الأصلي. والوجه في استرقاق الولد الحادث بعد الردة: أنه كافر ولد من كافرين فجاز استرقاقه كسائر أولاد أهل الحرب.
وما أتلفوا من الأولاد والأنفس في حال تحيزهم بالدار أخذوا بذلك. قال في رواية ابن منصور - في مرتد دار الحرب فقتل أو زنى أو سرق - " يعجبني أن يقام عليه حد ما أصاب هناك". وكذلك قال في رواية مهنا، في المرتد إذا قطع الطريق ولحق بدار الحرب، فأخذه المسلمون: يقام عليه ويقتص منه.