والوجه فيه: أنهم قد التزموا أحكام المسلمين، وليس لهم تأويل سائغ، فكان عليهم الضمان. دليله المحاربون في قطع الطريق. ولا يلزم أهل دار الحرب، لأنهم لم يلزموا أحكام المسلمين، ولا يلزم عليه البغاة، لأن لهم تأويلاً سائغاً. ولا يجوز أن يهادنوا على الموادعة، بخلاف أهل دار الحرب. ولا يصالحون على مال يقروا به على ردتهم، بخلاف أهل دار الحرب. ومن ادعيت عليه الردة فأنكرها، كان القول قوله بغير يمين. ولو قامت البينة عليه بِالرِّدَّةِ لَمْ يَصِرْ مُسْلِمًا بِالْإِنْكَارِ، حَتَّى يَتَلَفَّظَ بِالشَّهَادَتَيْنِ. وَإِذَا امْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ إلى الإمام العادل جاحدين لها، كانوا مرتدين يجري عليهم حكم أهل الردة. وإن منعوها مع اعترافهم بها بخلا، قاتلهم الإمام، كما قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، لما منعوا الزكاة ن حتى قال قائلهم: أطعنا رسول الله ما كَانَ بَيْنَنَا فَيَا عَجَبًا، مَا بَالُ مُلْكِ أبو بكر؟. فإن امتنعوا قتلهم على ملة الإسلام، كما يقتل المحاربين بعد أن يستتيبهم ثلاثة أيام، وقد قال أحمد في رواية أبي طالب " إذا قال: الزكاة علىّ ولا أزكي، يقال له، مرتين أو ثلاثاً زكّ. فإن لم يزكّ، يستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا ضربت عنقه". فقد نص على قتلهم. وقال في رواية الميموني " إذا منعوا الزكاة، كما منعوا أبا بكر، وقاتلوا عليها، لم يورّثوا ولم يصلّ عليهم". وهذا محمول على أنهم منعوا مع عدم اعتقاد الوجوب، كما منع أهل الردة، فأما مع الاعتقاد فلا يكفرون. وقد قال في رواية عبدوس " من ترك الصلاة فقد كفر وليس من الأعمال شيء تركه كفر إلا الصلاة".