وإن قصد بطلبه المنزلة والمباهاة كره له ذلك، رواية واحدة، لأن طلب المباهاة فِي الدُّنْيَا مَكْرُوهٌ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (٢٨: ٨٣ - تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين) . وذهب قوم إلى نفي الكراهة، لأن نبي الله يوسف عليه السلام رغب إلَى فِرْعَوْنَ فِي الْوِلَايَةِ وَالْخِلَافَةِ، فَقَالَ (١٢: ٥٥ - اجْعَلْنِي على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) . وهذا لا يدل على جواز الطلب من غيره، لأن يوسف عليه السلام كان نبياً معصوماً من الظلم والجور فيما يليه من الأعمال. وهذا المعنى غير مأمون في حق غيره. فأما بذل المال على طلب القضاء فمحظور في حق الباذل والمبذول لفه، لما روي أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:" لعن الله الراشي والمرتشي". فالراشي: باذل الرشوة، والمرتشي: قابلها. ولا يَجُوزُ لِمَنْ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ أَنْ يَقْبَلَ هَدِيَّةً من أهل عمله، لم تجر عادته بمهاداته، سواء كان خصماً أو غيره، لأنه قد يستعديه فيما يليه. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ:" هَدَايَا الْأُمَرَاءِ غُلُولٌ".