للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ} فالفعل فاض وأفاض بمعنى واحد (وانظر البحر المحيط ج٢ ص٨٣)

همزة أفعل قد تكون للتعدية فقط ولا تفيد غيره: وقد صرح المالقي والمتوفى سنة ٧٠٢ هجري١ في كتابه رصف المباني بما يبين أن صيغة (أفعل) تستعمل أحيانا للتعدية فقط على وجه خاص قال الموضع الثامن أن تكون التعدية خاصة إذا كان الفعل ثلاثيا لا يتعدى لو نطق به فتقدر أن الهمزة فيه زائدة كقولك: (ألقيت ما في يدي) وقال تعالى: {وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِك} ٢.

وقال الشاعر: ٣

فألقت عصاها واستقر بها النوى ... (كما قرّ عينا بالإياب المسافر)

كان الأصل في هذا الفعل أن يقال فيه: (لقيت ما في يميني) إلا أنه لم ينطق به إلا بالهمزة، وحكمنا أن الهمزة زائدة لأنه من اللقاء فالأصل اللام والقاف والياء فعلمنا بذلك أنه لا معنى لدخول الهمزة وزيادتها إلا تعدية الفعل الثلاثي الذي لم يستعمل النطق به وحده للمفعول، وهذه الهمزة تعدي ما لا يتعدى إلى واحد نحو ما ذكر وما يتعدى إلى واحد إلى اثنين نحو: ألفيت زيدا قائما ومنه (قوله) :

فألفيته غير مستعتب ... ولا ذاكر الله إلا قليلا٤

وما يتعدى إلى اثنين إلى ثلاثة كقولك أعلمت زيدا عمرا قائما ومنه:

أنبئت عمرا غير شاكر نعمتي ... (والكفر مخبثة لنفس المنعم)

ثم انتقل إلى همزة (أفعل) التي لم تستعمل إلا لنقل الفعل من مادة الثلاثية إلى مادة الرباعية خاصة قال:

الموضوع التاسع: أن تكون للنقل خاصة ومعنى ذلك أنها تنقل الفعل من الثلاثي إلى الرباعي فإن كان متعديا في أصله بقى كذلك بعد النقل فالهمزة لا تفيد فيه شيئا سوى النقل خاصة، وقد ينطق بثلاثية وقد لا ينطق نحو: أشكل الأمر فهذا لا ينطق بثلاثية، في


١ انظر رصف المباني في شرح حروف المعاني للمالقي ص ٤٨، ٤٩، ٥٠ وتحقيق الخراط.
٢ سورة طه ٦٩.
٣ قال في اللسان: مادة (عصا) نسب إلى معقر بن حمار أو عبد ربه السلمي أو سليم بن ثمامة وجاء في القرطبي ص ٤٧٤.
٤ البيت لأبي الأسود الدؤلي وهو في ديوانه /١٢٣، والكتاب ج ١ ص ١٦٩ وثعلب /١٢٣ واللسان (عتب) الإنصاف ص ١٥٩ وابن يعيش ج ٩ ص ٢٥٤.
٥ البيت لعنترة وهو في ديوانه ص ٢١٤ وفي حماسة البحتري /١١٠، انظر المرجع السابق ص ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>