للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هذا النوع أي صيرورته كذا، دخول الفاعل في الوقت المشتق منه (أفعل) أصبح (وأمسى) وأفجر، وأشهر، أي دخل في الصباح والمساء والفجر والشهر وكذلك أضحى أي دخل في الضحى.

ملحوظة: الأفعال: أمسى، أصبح، أضحى قد تستعمل ناقصة أي تدل على حدث ناقص (معنى مجرد ناقص) لأن إسناده إلى مرفوعة لا يفيد الفائدة الأساسية المطلوبة من الجملة الفعلية إلا بعد مجيء الاسم المنصوب، فالاسم المطلوب المنصوب (الخبر) هو الذي يتمم المعنى الأساسي المراد، ويحقق الفائدة الأصلية للجملة وهذا يخالف الأفعال التامة فإن المعنى الأساسي يتم بمرفوعها الفاعل أو نائب الفاعل فالفعل (أصبح) مع اسمه يدل على مجرد دخوله في وقت الصباح وليس هذا هو المقصود من الناقصة فإذا جاء الخبر كان كفيلا بتحقيق المراد ...

وليس السبب في تسميتها ناقصة أنها تتجرد للزمان وحده ولا تدل معه على حدث (معنى) كما يقول بعض النحاة وقد أشار إلى ذلك بإيجاز طيب ومنطق مقبول سليم الأمير على المغني في الباب الثالث١ ...

فإذا استعملنا الأفعال الأخيرة بمعنى النقصان فلها أحكام تخصها في باب كان وأخواتها فهي تفيد مع معمولها اتصاف اسمها بمعنى خبرها اتصافا يتحقق مساء في أمسى ويتحقق صباحا في أصبح ويتحقق وفي وقت الضحى من أضحى.

هذا وقد وردت أصبح وأمسى زائدتين في كلام عربي قديم نصه:

(الدنيا ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفأها) وهذا لا يقاس عليه.

وقد جاء أفعل بمعنى الدخول في القرآن الكريم ومن شواهد ذلك قوله تعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي داخلين في وقت الشروق فهي كأصبح إذا دخل في وقت الصباح، وقال أبو عبيدة المتوفى سنة ٢١١ هجري فأتبعوهم نحو الشرق فهو كأنجد إذا قصد نجدا٢.

ومن قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ} الهمزة في أصعد للدخول أي دخلتم في الصعيد وذهبتم فيه كما تقول أصبح زيد إذا دخل في الصباح فالمعنى إذ تذهبون في الأرض٣.


١ انظر المغني ج ٢ الباب الثالث عند الكلام على تعلق الظرف والجار والمجرور بالفعل الناقص.
٢ انظر البحر المحيط ج ٣ ص ٨٣.
٣ انظر البحر المحيط ج ٣ ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>