للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومنه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} أي داخلون في الظلام كما تقول أعتمنا وأسحرنا أي دخلنا في العتمة والسحر١.

ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} أي آت بما يلام عليه يقال ألام فلان إذا فعل ما يلام عليه وفي البيضاوي وهو مليم أي داخل في الملامة يعني بناء أفعل للدخول في الشيء نحو أحرم إذا دخل في الحرم٢.

ومنه قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} من أعصرت أي دخلت في حين العصر فحان لها أن تعصر٣.

المعنى الثالث (لأفعل) التعريض فتفيد الهمزة أنك جعلت ما كان مفعولا معرضا لأن يقع عليه الحدث سواء صار مفعولا له أم لا.

تقول: أقتلته أي عرضته لأن يكون مقتولا ... قتل أو لا، وأبعت الفرس أي عرضته للبيع وأسقيته أي جعلت له ماء وسقيا شرب أم لم يشرب وأقبرته أي جعلت له قبرا، قبر أو لا وقبرته ودفنته، وأشفيته عرضته للشفاء٤ وفي كتاب فعلت وأفعلت للزجاج وقال النحويون أبعته عرضته للبيع وأنشدوا.

ورضيت ألاء الكميت فمن يُبِع ... فرسا فليس جوادنا بُمباع

قالوا معناه يعرض للبيع ومعنى ألاء الكميت نعم الكميت جعل نجاءه به من المهالك نعما٥.

المعنى الرابع (لأفعل) السلب أي أنك تسلب عن مفعوله ما اشتق منه نحو أشكيته أي أزلت شكواه وأعجمت الكتاب أي أزلت عجمه وقد يكون لسلب الفعل عن الفاعل إذا كان لازما كقولهم: أقسط أي أزال عنه القسط وهو الجور ويحتمل هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا} مضارع أخفى بمعنى ستر والهمزة للإزالة أي أزلت الخفاء وهو الظهور٦ وإذا أزلت الظهور صار للستر كقوله أعجمت الكتاب أزلت عنه العجمة بوضع النقط


١ انظر البحر ج ٧ ص ٣٣٥.
٢ انظر حاشية الجمل ج ٣ ص ٥٤٨.
٣ انظر البحر ج ٨ ص ٤١١.
٤ انظر سيبويه ج ٢ ص ٢٣٥، والشافية ج ١ ص ٨٨.
٥ انظر شرح أدب الكاتب للجواليقي ص ٣١٣، وأدب الكاتب لابن قتيبة ص ٤٧٢.
٦ الخفاء من الأضداد يقال خفيت الشيء، إذا أظهرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>