للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحركات وقال أبو علي هذا باب السلب ومعناه أزيل عنها خفاءها وهو سترها١ قال أحمد تيمور في رسالة السماع والقياس أفعل الذي همزته للسلب مثل شكى فأشكيته أي أزلت شكواه وجاء بعكسه، أحمأت البئر. في القاموس أحمأت البئر ألقيت فيها الحماة (الطين الأسود) وحمأتها كمنعتها نزعت حمأتها٢.

المعنى الخامس (لأفعل) أنه يأتي لوجود مفعوله على صفة وهي كونه فاعلا لأصل الفعل نحو أكرمت فاربط أي وجدت فرسا كريما وأسمنت أي وجدت سمينا وأبخلته أي وجدته بخيلا، أو كونه مفعولا لأصل الفعل نحو أحمدته أي وجدته محمودا٣.

وجاء هذا المعنى في القرآن الكريم قال تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} معنى أغفلنا قلبه وجدناه غافلا٤.

وقال عمرو بن معديكرب لمشاجع السلمي٥: "لله دركم يابني سليم قاتلناكم فما أجبلناكم (أي فما وجدناكم جبناء) ، وسألناكم فما أبخلناكم (أي ما وجدناكم بخلاء) ، وهاجيناكم فما أفحمناكم (أي فما أسكتناكم) "

وجاء في الشعر قوله٦:

لا يصعب الأمر إلا ريث يركبه ... وكل شيء سوى الفحشاء يأتمر

ومعناه لا يصعب الأمر لآ يجده صعبا كقولهم أبخلته وجدته بخيلا فهو لا يجد الأمر صعبا إلا وقت ركوبه.

وقد عقد الجواليقي بابا خاصا بأفعلت الشيء أي وجدته على صفته وقال ابن جني في الخصائص ج٣ ص٢٥٣: واذكر يوما وقد خطر لي خاطر مما نحن بسبيله فقلت: لم أقام إنسان على خدمة هذا العلم ستين سنة حتى لا يحظى منه إلا بهذا الموضع لما كان مغبونا فيه ولا منتقص الحظ ولا السعادة به وذلك قول الله تعالى: {وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} ولن يخلو {أَغْفَلْنَا} هنا من أن يكون من باب أفعلت


١ انظر البحر المحيط ج ٦ ص ٢٣٢ والعكبري ج ٢ ص ٦٣.
٢ انظر رسالة أحمد تيمور باشا في السماع والقياس ص ٦٩ موجود بمكتبة الجامعة الإسلامية العامة.
٣ انظر سيبويه ج ٢ ص ٢٣٦ والشافية ج ١ ص ٩٠.
٤ انظر البحر المحيط ج ٦ ص ١١٩، وأمالي الشجري ج ١ ص ١٤٩.
٥ انظر أدب الكاتب لابن قتيبة ص ٤٧٣.
٦ انظر أمالي ابن الشجري ج ١ ص ٢٢٦، وشرح أدب الكاتب ص ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>