أ- (الباء) الأصل فيها أن تفيد معنى القسم بل هي أصل أحرفه، ولذا خصت بجواز ذكر الفعل معها نحو: أقسم بالله لتفعلن ودخولها على الضمير نحو: بك لأفعلن غير أن (الباء) قد تقترض من (في) معنى الظرفية يدل على ذلك الشواهد الكثيرة منها قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ}(الصافات: ٣٧، ٣٨) . أي وفى الليل ونحو {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ}(آل عمران: ١٢٣) . أي في بدر ونحو {إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}(القمر: ٣٦) . أي في سحر ونحو {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ}(القصص: ٤٤) . أي في جانب الغربي، ونحو:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً}(يونس: ٨٧) . أي في مصر، ونحو قول زهير:
بها العِينُ والآرام يَمْشِين خِلْفَة ... وأطْلاؤها ينهضن من كل مجثم
وقال ذي الرُّمَّه:
أذو زوجة بالمصر أو ذو خصومة ... أراك لها بالبصرة العام ثاويا
أي فيها العين والآرام وأذو زوجة في المصر ١.
ب- وقد تقترض (في) معنى) الباء) وذلك نحو قول زيد الخير بن مهلهل:
ويركب يوم الروع منَّا فوارسٌ ... بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي بصيرون بطعن الأباهر، وقال بعضهم إن (في) بمعنى (الباء) في قوله تعالى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ}(الشورى:١١) . وقد جعلها ابن هشام للتعليل موافقاً الزمخشري في ذلك ٢.