ب- ومن المعلوم أن (من) تفيد ابتداء الغاية حتى ادعى جماعة أن سائر معانيها راجعة إليه ١ لكن الأرجح أن ابتداء الغاية مطلقاً هو أشهر معانيها قال السيوطي في المطالع السعيدة ٢.
(من) لابتداء الغاية مطلقاً مكاناً أو زماناً أو غيرهما نحو قوله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى}(الإسراء: ا) ونحو الحديث الشريف:"فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة" ٣ وقوله تعالى: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}(النمل: ٣٥) .
وقد تأتى (من) مفيدة معنى الإستعانة مقترضة هذا المعنى من (الباء) قال بهذا يونس بن حبيب ومثل لذلك بقوله تعالى: {مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}(الشورى: ٤٥) أي ينظرون بطرف خفي، وعلى هذا النحو أورد الهروي ٤ عدة آيات قرآنية ظهر فيها أن (من) بمعنى الباء نحو قوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ}(الرعد: ١١) أي بأمر الله ونحو {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِه}(غافر: هـ) أي بأمره ونحو {تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(القدر: ٤، ٥) أي بكل أمر سلام، (فمن) في كل ما تقدم بمعنى الباء.