قد ينخدع القارئ الذي لا يتعمق في الدراسة والبحث، عندما يتصفح الكتاب أو يقرأه قراءة عابرة، ذلك أن الخميني منطلق في هذا الكتاب من منطلق إصلاح أوضاع الأمة المتردية بسبب سيطرة الحكام الظلمة على الحكم وهو يريد للمسلمين أن يتحركوا لتغيير الأوضاع. وهذا كلام جميل في ظاهرة، إلا أن الخميني ركز حديثه في الكتاب حول قضية واحدة: خلاصتها أن الحكم محصور في الأئمة وهم اثنا عشر إمام وكل من نازعهم الحكم فهو ظالم.
وبما أن الأئمة لم يستمر وجودهم، وتوقف ظهورهم باختفاء الإمام الثاني عشر، فإنه يرى أن لا يتوقف، النضال من أجل تسلم الحكم، ويرى أن الأشخاص الذين يناط بهم قيام الدولة، هم فقهاء الشيعة الذين رووا أحاديث الأئمة، وعلموا علمهم دون سواهم.
وهو في ذلك يخطئ من يرى من الشيعة أن من الواجب انتظار الإمام الغائب، وليس عليهم المجاهدة لتسلم الحكم، ويحتكم بذلك إلى الأدلة العقلية والنصوص التي وجدها في كتاب الشيعة لإثبات ما يراه.
فهذه القضية التي يعالجها الخميني، وهي صلب الكتاب ومعناه، قضية تطعن أهل السنة في الصميم، فهو يرى أن سعي أهل السنة للحكم ظلم وجور، وأن الذين يستحقون قول الولاية هم فقهاء الشيعة فحسب ومما استدل به الخميني على مذهبه قول إمامهم أن القضاء محصور بمن كان نبيا أو وصي نبي، والفقيه (ويعين به الشيعي طبعا) هو وصي النبي، وفي عصر الغيبة يكون إمام المسلمين و قائدهم والقاضي بالقسط دون سواه (ص٧٦) وينقل لنا الخميني قول الإمام الغائب الذي جاء منه حال الغيبة (وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواه حديثنا، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله)(ص٧٧).
ويقول في ص٤٩ (وقد فوض الله الحكومة الإسلامية الفعلية المفروض تشكيلها في زمن الغيب نفس ما فوضه إلى النبي ص وأمير المؤمنين .. ).