سبحانك يارب، سبحانك: إن هذا إفك عظيم، ووزر كبير، وتكذيب لكتاب الله. وإذا كان هذا مقام الأئمة بالنسبة للرسل فكيف يكون مقامهم بالنسبة للصحابة والخلفاء الراشدين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وكيف يكون حال حكام بني أمية وبني العباس معهم، إن ما يبلغنا عن سب الصحابة وشتمهم والحقد عليهم (١) لا بد وإن يكون قد ملأ صدر الخميني الذي يرى أن الأئمة أفضل من الرسل، ذلك أنهم قد هضموا حق الصحابة والخلفاء وقدموا عليهم من هم أدنى منزلة منهم، فهم حكام جور وظلم، وستأتي نصوص الخميني في ذلك.
وإذا كان الأئمة أفضل من الرسل، ومحمد صلى الله عليه وسلم من جملة الرسل (عليهم الصلاة والسلام) ألا يكون في قوله تلميح للعقيدة الشيعية القائلة بأن عليا أولى بالرسالة من محمد، وبأن جبريل قد أخطأ عندما جاء بالرسالة، وكان ينبغي أن يلقيها إلى علي، وإلا فكيف نفسر قوله بأن الأئمة أفضل من الرسل، ونلاحظ هنا أن جميع الأئمة- وليس علينا فقط -هم الأفضل، فكل الأئمة أفضل من الرسل والأنبياء بهذا التعميم.
وتابع معي القراءة لنرى العجاب بقوله الخميني ص٥٢ (والأئمة كانوا قبل هذا العالم أنوارا فجعلهم الله بعرشه محدقين، وجعل لهم من المنزلة والزلفى ما لا يعلمه إلا الله وقد قال جبرائيل - كما ورد في روايات المعراج - لو دنوت أنملة لاحترقت).
أيها القرّاء: أيها المغترون بباطل هذا الرجل. بالله عليكم فسّروا لنا قوله بعد أن تتأملون فيه وتدققوا في ألفاظه: فكيف كان الأئمة أنوارا قبل خلق العالم وكيف كانوا بعرشه محدقين ... ؟!! آية خمينية هذه؟! وآية مقاله؟! وآية عقيدة ضالة هذه؟!
ولم يتوقف الخميني عند هذا الحد، بل ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فقد أثبته لفاطمة كل ما أثبته للأمة ورفع مرتبتها فوق البشر مع أن الله قد خاطب أباها (قل إنما أنا بشر مثلكم). استمع إليه يتحدث عن فاطمة:(ومثل هذه المنزلة موجودة لفاطمة الزهراء عليها السلام، لا بمعنى أنها خليفة أو حاكمة أو قاضية، فهذه المنزلة شئ آخر وراء الولاية والخلافة والامرة. حين نقول أن فاطمة لم تكن قاضية أو حاكمة أو خليفة، فليس بمعنى ذلك تجردها عن تلك المنزلة المقربة، كما لا يعني ذلك أنها امرأة عادية من أمثال ما عندنا) ص ٥٣ وهذا الذي يقرره الخميني لفاطمة من أنها فوق مستوى البشر يقرره في حق الأئمة، فهو يقول في حق الفقهاء (ص٥٠)(وهذه مهمة شاقة ينوء بها من هو أهل لها، من غير أن ترفعه فوق مستوى البشر) وهو بذلك يثبت للأئمة أنهم فوق مستوى البشر، بطرق مفهوم المخالفة.
(١) ارجع لكتاب حكم سب الصحابة لابن تيمية وابن عابدين والهيثمي.