فأما أن تأمرهم وإما أقوم فآمرهم فقال يحيى عليه السلام: إنك إن سبقتني بهن أخاف أن أعذب أو يخسف بي فجمع بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد حتى جلس الناس على الشرفات فوعظ // ١٠٥ // الناس ثم قال: إن الله تبارك وتعالى أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن لا تشركوا بالله شيئا فإن من اشرك بالله فمثله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ثم قال هذه داري وعملي فاعمل وأد إلي عملك فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك؟ يؤدي عمله إلى غير سيده وإن الله تبارك وتعالى هو خلقكم ورزقكم فلا تشركوا بالله شيئا وقال: إن الله تبارك وتعالى أمركم بالصلاة فإذا نصبتم وجوهكم فلا تلتفتوا إن الله ينصب وجهه لوجه عبده حتى أو قال: حين يصلي فلا يصرف عنها حتى يكون العبد هو ينصرف وأمركم بالصيام فإن الصائم كمثل.
رجل معه صرة مسك وهو في عصابة ليس مع أحد منهم مسك غيره كلهم يشتهي أن يجد ريحها وإن ريح فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وأمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروا يده إلى عنقه فقدموه ليضربوا عنقه، فقال: لا تقتلوني فإني أفدي نفسي منكم بكذا وكذا من المال فأرسلوا فجعل يجمع لهم حتى فدى نفسه كذلك الصدقة وأمركم أن تكثروا ذكر الله فإن مثل ذاكر الله كمثل رجل طلبه العدو فانطلق فإذا هم في طلبه سراعا حتى أتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه فذلك الشيطان لا يحرز العباد منه أنفسهم إلا بذكر الله تبارك