للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

القيسيين، فإذا الحارث بن عبد الله بن الحشرج الجعدي يهيب بالعرب من القبائل المختلفة أن يتحدوا، ولا يألوا جهدا في تبصيرهم بعواقب الفتنة، فإنه يقول١:

أبيت أرعى النجوم مرتفقا ... إذا استقلت تجري أوائلها٢

من فتنة أصبحت مجللة ... قد عم أهل الصلاة شاملها

من بخراسان والعراق ومن ... بالشام كل شجاه شاغلها

فالناس منها في لون مظلمة ... دهماء ملتجة غياطلها٣

يمسي السفيه الذي يعنف ... بالجهل سواء فيها وعاقلها

والناس في كربة يكاد لها ... تنبذ أولادها وحواملها

يغدون منها في ظل مبهمة ... عمياء تغتالهم غوائلها٤

لا ينظر الناس في عواقبها ... إلا التي لا يبين قائلها

كرغوة البكر أو كصيحة ... حبلى طرقت حولها قوابلها

فجاء فينا أزرى بوجهته ... فيها خطوب حمر زلازلها

على أن عزل يزيد بن الوليد لمنصور بن جمهور الكلبي عن العراق، وتوليته عليها عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، لأن أهلها كانوا يميلون إلى أبيه٥، وتثبيت الأخير لنصر على خراسان، أزعج الأزد، وحملهم على إظهار بغضهم لنصر، وتحديهم له، كما أثار الكرماني، الذي كان يكره نصرا، لأنه أحسن إليه، وحقن دمه في ولاية أسد ابن عبد الله القسري، ولأن نصرا لما ولي صرفه عن رئاسة الأزد، وصيرها لحرب بن عامر الواشجي، فمات حرب، فأعاد الكرماني عليها، فلم يلبث إلا يسيرا حتى عزله،


١ الطبري ٩: ١٨٥٧.
٢ مرتفقا: متكئا على مرفقه.
٣ الدهماء: الفتنة السوداء المظلمة. والغياطل: جمع غيطلة، وهي الظلمة المتراكبة. والملتجة: الشديدة الكثيفة.
٤ الغوائل: الدواهي.
٥ الطبري ٩: ١٨٥٤.

<<  <   >  >>