للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أرى خلل الرماد وميض جمر ... فيوشك أن يكون له ضرام

فإن النار بالعودين تذكى ... وإن الحرب مبدؤها الكلام

فإن لم تطفئوها تجن حربا ... مشمرة بشيب لها الغلام

فقلت من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام

فإن يقظت فذاك بقاء ملك ... وإن رقدت فإني لا ألام

فإن يك أصبحوا وثووا نياما ... فقل قوموا فقد حان القيام

ففري عن رحالك ثم قولي ... على الإسلام والعرب السلام١

ويقال: إن مروان لم ينجده، وإنما أشار عليه أن يعتمد على قوته، ويتصرف على قدر طاقته٢. ويقال: بل أرسل إلى هبيرة "يأمره أن ينتخب من جنوده اثني عشر ألف رجل، مع فرض يفرضه بالعراق من عرب الكوفة والبصرة، ويولي عليهم رجلا حازما، يرضى عقله وإقدامه، ويوجه بهم إلى نصر بن سيار". فاعتذر له، وكتب إليه "أن من معه من الجنود لا يفون باثني عشر ألفا، ويعلمه أن فرض الشام أفضل من فرض العراق، لأن عرب العراق ليست لهم نصيحة للخلفاء من بني أمية، وفي قلوبهم إحن"٣.

وعندما عجز نصر عن السيطرة على الوضع بمرو الشاهجان، وقطع الأمل من مساعدة ابن هبيرة له، وفقد الرجاء في ضرب مروان بعثا إليه، أخذ يبث حملة إعلامية إلى العرب بالمدينة، مستثيرا لعواطفهم الدينية والقومية، فقد حث ربيعة على الانفصال عن الكرماني والأزد، والكف عن مناصرتهم على إخوتهم المضريين، وناشدهم أن يتآلفوا ليقفوا في وجه أبي مسلم الذي أصبح يهدد وجودهم ومصيرهم، وحذرهم كذلك من شيعته إذ وصفهم بأنهم غرباء دخلاء، لا ينتمون إلى العرب المشهورين، ولا إلى الموالي المعروفين، وراح يردد أنهم يعتنقون مذهبا مخالفا للإسلام، ومنافيا لكل ملة ونحلة مألوفة، وأنهم لا يبتغون سوى إبادة العرب، يقول٤:


١ فري عن رحالك: ابحثي عنها، وانظري إليها.
٢ الطبري ٩: ١٩٧٣.
٣ الدينوري ص: ٣٦٠.
٤ الدينوري ص: ٣٦١، والعقد الفريد ٤: ٤٧٩، وابن الأثير ٥: ٣٦٧.

<<  <   >  >>