للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاستفزت هذه الصيحات والصرخات نصرا، فتحفز لاستخلاص المدينة من أيدي الأزد، ووجه إليها خيرة جيشه وقادته، فاصطدموا في حرب بطيئة مع الأزد وربيعة بقيادة الكرماني. وعلى الرغم من أنهم حاولوا اقتحام المدينة واحتلالها مرارا، واستماتوا في القتال، فإنهم لم يتمكنوا من دخولها واستعادتها. فاستمد نصر يزيد بن عمر بن هبيرة، والي العراق، ووصف له في أبيات من شعره ما شاع بخراسان من الاضطراب خلال العامين الماضيين، وحذره من خطورة الوضع، وأنه ينذر بعاقبة وخيمة إذا استمر في التدهور، ولم يعالج معالجة حكيمة حازمة، إذ يقول مستصرخا له١:

أبلغ يزيد وخير القول أصدقه ... وقد تبينت ألا خير في الكذب

إن خراسان أرض قد رأيت بها ... بيضا لو أفرخ قد حدثت بالعجب

فراخ عامين إلا أنها كبرت ... لما يطرن وقد سربلن بالزغب٢

فإن يطرن ولم يحتل لهن بها ... يلهبن نيران حرب أيما لهب٣

فلم يمده بأحد، لأنه كان مشغولا بمجالدة الخوارج بالعراق٤، فاستغاث بمروان بن محمد في الشام، وأعلمه، "حال أبي مسلم، وخروجه، وكثرة من معه، ومن تبعه". وكتب إليه بهذه الأبيات يصور له الفتنة القائمة، والكارثة المحتومة، إن لم ينجده بمدد من عنده، وفيها يقول٥:


١ الطبري ٩: ١٩٧٣، ومروج الذهب ٣: ٢٥٧، والبداية والنهاية ١٠: ٣٣.
٢ سربلن: اكتسين، والزغب: أول ما يبدو من ريش الفرخ.
٣ ويقول الدينوري إن نصرا بعث تلك الأبيات إلى مروان بن محمد. ويضيف إليها بيتين هما:
يا أيها الملك الواني بنصرته ... قد آن للأمر أن يأتيك من كتب
أضحت خراسان قد باضت صقورتها ... وفرخت في نواحيها بلا رهب
"الدينوري ص: ٣٦٠".
٤ الطبري ٩: ١٩٤٤، ١٩٧٤، ومروج الذهب ٣: ٢٥٧.
٥ الدينوري ص: ٣٥٧، والعقد الفريد ٤: ٤٧٨، ومروج الذهب ٣: ٢٥٥، والطبري ٩: ١٩٧٣، والأغاني "طبعة دار الكتب ٧: ٥٦، والعيون والحدائق ٣: ١٨٩، وابن الأثير ٥: ٣٦٥، والبداية والنهاية ١٠: ٣٢.

<<  <   >  >>