للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إني استحيت لكم من بذل طاعتكم ... هذا المزوني يجبيكم على قهر

وهذا عباد بن الحارث يطالب نصرا بالمبادرة إلى استرجاع المدينة، ويشرح له وضعهم البائس، وموقفهم الحرج، فقد بطش بهم الأزد بطشا عنيفا، وقتلوهم تقتيلا، ويدعو على مضر بالهلاك إن لم تغضب لهم، ولم تسارع إلى إنقاذهم، يقول١:

ألا يا نصر قد برح الخفاء ... وقد طال التمني والرجاء٢

وأصبحت المزون بأرض مرو ... تقضي في الحكومة ما تشاء٣

يجوز قضاؤها في كل حكم ... على مضر وإن جار القضاء

وحمير في مجالسها قعود ... ترقرق في رقابهم الدماء

فإن مضر بذا رضيت وذلت ... فطال لها المذلة والشقاء

وإن هي أعتبت فيها وإلا ... فحل على عساكرها العفاء٤

وقال ينبه المضريين اللاهين عن خطر الأزد، ويظهرهم على استبعادهم لقومهم، لعلهم يتيقظون٥:

ألا يا أيها المرء الذي ... قد شفه الطرب٦

أفق ودع الذي قد كنت ... تطلبه ونطلب

فقد حدثت بحضرتنا ... أمور شأنها عجب

الأزد رايتها عزت ... بمرو وذلت العرب

فجاز الصفر لما كا ... ن ذاك وبهرج الذهب٧


١ الطبري ٩: ١٩٣٥، والبداية والنهاية ١٠: ٢٧.
٢ برح: زال وانقشع.
٣ المزون: اسم من أسماء عمان. والمزون: الملاحون. ويعني بهم الأزد. لأنهم كانوا ملاحين "انظر معجم البلدان ٤: ٥٢٢، واللسان ١٧: ٢٩٤".
٤ أعتبت: تركت ما كنت أجد عليها من أجله، ورجعت إلى ما أرضاني عنها، بعد إسخاطها إياي عليها.
٥ الطبري ٩: ١٩٣٦.
٦ شفه: لذعه وأنحله وذهب بعقله.
٧ الصفر: جمع صفراء، وهي الذهب، وبهرج الذهب: زيف وغش.

<<  <   >  >>