للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قبيلته، ويسوغ سياستها، ويؤيد موقفها، شأنه في ذلك شأن خلف بن خليفة البكري.

فتزلزل مركز الحارث، فساعده الكرماني، فاختل جانب نصر اختلالا شديدا فتقهقر إلى نيسابور، وانفرد الحارث والكرماني بالمدينة، ثم إنهما تنازعا فقتل الكرماني الحارث وصلبه، فخلت المدينة لأهل اليمن، فهدموا دور المضرية، ونهبوا أموالهم١. فقال نصر يعرب عن فرحته بمقتل الحارث، لما ألحق بالعرب من الضرر، ولما أنزل بمضر من المكروه والشر٢:

يا مدخل الذل على قومه ... بعدا وسحقا لك من هالك

شؤمك أردى مضرا كلها ... وعض على قومك بالحارك٣

ما كانت الأزد وأشياعها ... تطمع في عمرو ولا مالك

ولا بني سعد إذا الجموا ... كل طمر لونه حالك٤

وكان لغلبة الكرماني على المدينة، وتدميره لمنازل المضريين، واغتصابه لأموالهم، وإهانته لهم وقع بالغ على نفوسهم، عبر عنه شعراؤهم من النساء والرجال بمرارة وحسرة. فهذه أم كثير الضبية تأخذ على بني تميم تقاعسهم وإحجامهم، وتتوجع لما تردت إليه أحوالهم، بحيث تحكم الكرماني فيهم، وتسلط عليهم، وتهددهم بالتبرؤ منهم إذا لم يهبوا لاسترداد المدينة، ولم يثوروا لشرفهم. فإنها تقول لهم٥:

لا بارك الله في أنثى وعذبها ... تزوجت مضريا آخر الدهر

أبلغ رجال تميم قول موجعة ... أحللتموها بدار الذل والفقر

إن أنتم لم تكروا بعد جولتكم ... حتى تعيدوا رجال الأزد في الظهر


١ الطبري ٩: ١٩٣٤.
٢ الطبري ٩: ١٩٣٥، والبداية والنهاية ١٠: ٢٧.
٣ عض: كسر. والحارك: أعلى الكاهل.
٤ الطمر: الفرس الجواد المستفز للوثب، المستعد للعدو، وبنو عمرو ومالك وسعد من عشائر بني تميم.
٥ الطبري ٩: ١٩٣٥.

<<  <   >  >>