للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأزد والتحاقها بنصر. فهو ينعي فيها على العرب من ربيعة ومضر اصطدامهم

وتصارعهم على السلطة، فإذا هم يفني بعضهم بعضا، وإذا النتيجة المحققة لتنازعهم استهلاكهم لقوتهم، وانحطاط مكانتهم، وسهولة وقوعهم فريسة في أيدي أعدائهم، وذلك قوله١:

أمست ربيعة في مرو وإخوتها ... على عظيم من الأحداث والخطر

يا ليت شعري بمرو الشاهجان غدا ... أي الأميرين من بكر ومن مضر

يصلي بقتل ذريع في مغمضة ... حتى يصير ذليلا غير ذي نفر٢

أما قيس فكان رأيها في الأزمة غاية في الصراحة والصرامة، فقد وقفت بجانب تميم، ولم تشمت بها، لتغلب الأزد وبكر عليها، ولم تتردد في مناصرتها مع أنها قتلت عبد الله بن خازم السلمي، كما أنها مالت إلى نصر، ولم تفرح بانهزامه أمام الكرماني، ولم تتأخر عن مساندته٣، مع أنه جفاها وأبعدها٤ بعد أن رماه مغراء بن أحمر عند هشام بن عبد الملك بأنه شيخ متهالك لا يصلح للولاية٥. وكان موقف شعرائها مماثلا لموقفها، فقد تعالوا عن الحزازات والثارات، وقدمنا أن عبد الله بن الحشرج الجعدي حذر من النتائج الوخيمة للفتنة منذ بدايتها، ونضيف إلى ذلك أبياتا للمفضل بن خالد السلمي يعلن فيها أنه نهى الأزد عن التمادي في الفوضى والشغب حتى ينجوا جميعا من الهلاك، وأنه حين تبين له أنهم يتعظوا ولم يعتبروا انتقدهم، واتهم الكرماني بالتورط في المغامرة والمؤامرة، إذ يقول فيها٦:

قد قلت للأزد قولا ما ألوت به ... نصحا وأعدت القول لو نفعا٧


١ معجم الشعراء ص: ٧٨.
٢ المغمضة: الأمر العظيم الذي يركبه الرجل، وهو يعرفه، فكأنه يغمض عينيه عنه تعاميا وهو يبصره.
ويصلي: يحرق.
٣ الطبري ٩: ١٩٢٩.
٤ الطبري ٩: ١٧٢٣.
٥ الطبري ٩: ١٧٢١.
٦ معجم الشعراء ص: ٢٩٨.
٧ ما ألوت به نصحا: أي لم أدع نصحا.

<<  <   >  >>