للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لرجولته ومضاء عزيمته، مما أتاح له إدراك ما عجزوا عن إدراكه، فقد قهر الترك، وغنم غنائم كبيرة وزعها بين جنوده، ورجا له طول العمر، حتى يفتح سمرقند مثلما فتح خوارزم١:

رمتك فيل بما فيها وما ظلمت ... ورامها قبلك الفجفاجة الصلف٢

لا يجزئ الثغر خوار القناة ولا ... هش المكاسر والقلب الذي يجف٣

هل تذكرون ليالي الترك تقتلهم ... ما دون كازة والفجفاج ملتجف٤

لم يركبوا الخيل إلا بعدما كبروا ... فهم ثقال على أكتافها عنف

منهم شناس ومرداذاء نعرفه ... وفسخراء قبور حشوها القلف٥

إني رأيت أبا حفص تفضله ... أيامه ومساعي الناس تختلف

قيس صريح وبعض الناس يجمعهم ... قرى وريف فمنسوب ومقترف٦

لو كنت طاوعت أهل العجز ما اقتسموا ... سبعين ألفا وعز الصغد مؤتنف٧

وفي سمرقند أخرى أنت قاسمها ... لئن تأخر عن حوبائك التلف٨


١ الأغاني "طبعة دار الكتب" ١٤: ٢٩٩، والطبري ٨: ١٢٣٩، وياقوت ٣: ٩٣٣.
٢ الفجفاجة والفجفاج: الكثير الكلام والفخر لما ليس عنده. والصلف: الذي يجاوز القدر في الظرف والبراعة ويدعي فوق ذلك تكبرا.
٣ يجزئ: يكفي ويغني. وخوار القناة وهشم المكاسر: الضعيف الذي لا يعتمد عليه في الشدائد ويجف: يضطرب ويخفف من الفزع.
٤ كازة: من قرى مرو الشاهجان.
٥ شناس: اسم أبي صفرة، فغيرة، وتسمى ظالما. ومرداذاء: أبو أبي صفرة: وسموه بسراق لما تعربوا وفسخراء: جده. وهم قوم من الحوز من أهل عمان، نزلوا الأزد ثم ادعوا أنهم صليبة صرحاء منهم "انظر الأغاني ١٤: ٢٩٩" والقلف: جمع قلافة، وهي القشرة، ولحاء الشجرة والقلفة: جلدة الذكر التي ألبستها الحشفة هي التي انقطع من ذكر الصبي.
٦ المنسوب: معروف النسب خالصة. والمقترف: المعيب المتهم الدعي.
٧ مؤنتف: شامخ لم يوطأ ولم يستبح.
٨ الحوباء: النفس. والتلف: الهلاك.

<<  <   >  >>