للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

العرب وعادوا إلى سمرقند. فقال ثابت قطنة، وكان أحد الفرسان الذين ساهموا في استرداد القصر، كما قتل عظيما من عظماء الترك، يفتخر ببلائه في ساحة القتال، افتخارا صاخبا، ويذكر الحفاظ المر لفرسان بني تميم، وخلقهم الوعر في الحرب، خاصا رئيسهم المسيب بن بشر بأعطر الثناء١:

فدت نفسي فوارس من تميم ... غداة الروع في ضنك المقام

فدت نفسي فوارس اكنفوني ... على الأعداء في رهج القتام٢

بقصر الباهلي وقد رأوني ... أحامي حيث ضن به المحامي

بسيفي بعد حطم الرمح قدما ... أذودهم بذي شطب حسام٣

أكر عليهم اليحموم كرا ... ككر الشرب آنية المدام٤

أكر به لدى الغمرات حتى ... تجلت لا يضيق بها مقامي

فلولا الله ليس له شريك ... وضربي قونس الملك الهمام٥

إذا لسعت نساء بني دثار ... أمام الترك بادية الخذام٦

فمن مثل المسيب في تميم ... أبي بشر كقادمة الحمام

كذلك تهاون سعيد بن عبد العزيز بعض التهاون في مجابهة الصغد، حتى اشتدت ثورتهم، وعم أذاهم العرب بسمرقند، فاستحثه جنوده وقادته على مقاتلتهم، واتهموه بأنه ترك الغزو٧. فتحفز وعبر النهر إلى سمرقند، وواجه الثائرين بها متخاذلا متراخيا، فلم يحرز نصرا كبيرا، فاستخفوا به، وكادوا يفنون كتيبة من بني تميم لولا استبسال من نجا من فرسانها في مقارعتهم، فضاق الجنود به، وسخطوا عليه


١ الطبري ٩: ١٤٢٦، وابن الأثير ٥: ٩٤.
٢ أكنفوني: حفظوني وأعانوني. والرهج والقتام: الغبار.
٣ الشطب: الطرائق التي في متن السيف.
٤ اليحموم: الفرس الأسود اللون.
٥ القونس: مقدم الرأس.
٦ الخذام: جمع خذمة، وهي الخلخال.
٧ الطبري ٩: ١٤٢٨.

<<  <   >  >>